شاهدا علي الاقتحام كرداســـــــة تــحت السيـــطرة

في عملية أمنية ناجحة اتسمت بالشفافية‏,‏ تمكنت الحملة المشتركة من قوات الأمن والشرطة من فرض هيبة الدولة علي كرداسة‏,‏ باعتبارها واحدة من أهم المناطق التي أرجأت أجهزة الأمن التعامل معها لحين استكمال الاستعدادات علي الأرض ضمانا لعدم وقوع ضحايا أبرياء.
فمن ما يربو علي شهر وعقب فض اعتصامي رابعة والنهضة ارتكبت عناصر إرهابية وإجرامية واحدة من أكثر العمليات الإرهابية خسة ودناءة وهي قتل وسحل12 ضابطا وجنديا يشكلون قوة قسم كرداسة, وقاموا بإحراق القسم ومن لحظتها, تحولت كرداسة إلي قرية أشباح, حيث فرضت عناصر الإخوان المتطرفة وبعض المجرمين والبلطجية الذين استعانوا بهم لسطوتهم علي المنطقة, بينما كانت أجهزة الأمن ترصد بؤر الإجرام, وقادة الإرهابيين وتجمع المعلومات عن المتورطين في أحداث القسم الدامية, إلي أن كتبت أجهزة الأمن فصل النهاية لهذه الفصائل الإجرامية لتعود كرداسة آمنة وهادئة إلي أحضان أهلها.
undefined

الأهرام كان شاهدا عيانا علي أصعب3 ساعات في عملية الاقتحام, وذلك بعد أن وردت معلومات مساء أمس الأول بأن العملية ستتم صباح أمس مع أول ضوء للنهار, وبالفعل توجهنا الي القرية في منتصف ليلة أمس الأول انتظارا للقوات المكلفة, ولم يخل الوجود بالقرب من القرية من المخاطر, فقد انتشر عدد من قاطعي الطرق في المداخل المؤدية للقرية تمكنوا بالفعل من اختطاف طاقم التصوير الخاص بإحدي القنوات التليفزيونية الخاصة وعدد آخر من الصحفيين من الجرائد الخاصة كانوا في اتجاههم الي القرية, إلا أن العناية الإلهية أنقذتنا من من براثن هؤلاء الخاطفين لانشغالهم بنقل الزملاء المختطفين الي داخل القرية, وعلمت من أحد الزملاء بعد تحريره من براثن الخاطفين بعد ذلك أنهم قاموا بتوثيقهم وإيداعهم داخل المدرعة المحترقة بجوار قسم كرداسة, وأن أحد زملاء الخاطفين اتصل بهم تليفونيا, وأقنعهم بإطلاق سراحهم بدعوي أن الجيش لن يقتحم القرية, وبالفعل قاموا بإطلاق سراح الزملاء المختطفين قبل نحو عشر دقائق فقط من بداية عملية الاقتحام.
وفي تمام السادسة الا خمس دقائق صباحا كان كل شئ جاهزا وعملية الاقتحام علي وشك البدء, وانتشرت القوات الأمنية المشتركة من الشرطة والجيش في جميع مداخل القرية الخمسة ـ مدخل كفر حكيم, وكفر صقر, وناهيا, والمريوطية, وصفط اللبن ـ في وقت واحد, بينما دخلت عشرات المجموعات القتالية الخاصة الي داخل شوارع القرية علي متن سيارات نقل الجنود وسيارات صغيرة الحجم في حراسة المدرعات طراز فهد, وتحت غطاء من طائرات الهليكوبتر التي ظلت تحلق فوق سماء القرية طوال مدة عملية الاقتحام للاستطلاع والرصد والتسجيل.
في اللحظة التي بدأت القوات في الاقتحام تصاعدت الأدخنة السوداء الكثيفة جراء إحراق التنظيمات المسلحة بالداخل لإطارات السيارات والمازوت بهدف صنع ستار يحجب تحركات قياداتهم لتهريبهم, وعندما شاهد المسلحون قوات الأمن تقترب من القرية استقبلوهم بوابل من النيران الحية الكثيفة والمتواصلة فقد تحصن هؤلاء بأسطح العمارات والمدارس والمساجد لقنص قوات الأمن, حتي إن التحذيرات التي أطلقتها القوات للأهالي ومناشدتهم عبر مكبرات الصوت بالبقاء بمنازلهم وعدم فتح النوافذ حرصا علي أرواحهم وأسرهم لم تكتمل في لحظة الاقتحام, مما دفع قوات الأمن الي فتح النيران الحية علي مصادر إطلاق النيران فوق أسطح المباني المحيطة.
3 ساعات
في الساعة السادسة وخمسين دقيقة صباحا توقفت أصوات النيران وتحولت من حالة الاشتباك المستمر الي إطلاق نيران متقطعة, وذلك بعد سيطرة قوات الأمن علي مداخل كرداسة, بالإضافة إلي ضراوة المواجهات مع المتطرفين المسلحين وكميات الأسلحة الكبيرة التي كانوا يصوبونها نحو القوات فقد توجه عدد من المدرعات لجميع المداخل لتعزيز الوجود بها لمنع دخول أو خروج العناصر الإرهابية المطلوبة, وفي داخل القرية وبعد نحو3 ساعات كاملة من تبادل إطلاق النيران التي تسببت في إصابة عدد من الضباط عاد الهدوء نسبيا الي القرية, وعبر بعض السكان عن فرحتهم بأن أطلقت النساء الزغاريد.
شهيد الواجب
"مستعدين للشهادة يا رجالة"؟.. بهذا السؤال اختتم اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة حديثه مع قواته التي كان يشرف عليها لحظة الوصول الي مدخل القرية وبالتحديد فوق جسر كرداسة الذي يقطع ترعة الزمر, لتنتهي حياته بعدها مباشرة ويرتقي شهيدا للواجب والوطن.. وكنت أقف الي جواره في تلك اللحظة وعندما سمعت سؤاله الموجه الي الموجودين في مدخل القرية قمت بترديد الشهادتين معهم لنفاجأ جميعا بوابل من النيران الحية تنهال علينا ليسقط اللواء فراج علي الأرض فاعتقدنا أنه ينبطح تفاديا للرصاص فانبطحت علي وجهي مثله وعدد من المصورين الصحفيين كانوا بجواري لنكتشف بعد ثوان قليلة أن رصاصة قناص غادرة قد أصابته في جانبه الأيمن بجوار واقي الرصاص الذي كان يرتديه, فصرخنا قائلين: "ضابط مصاب", وعلي الفور توجهت إحدي المدرعات التي كانت موجودة علي الجسر إليه وتم نقله سريعا الي داخلها ليفارق الحياة, بطلا شهيدا للواجب وشهيدا للوطن لتبقي صورته لحظة استشهاده عالقة في الأذهان ودليلا لا يقبل الشك بأن جنود مصر ورجال داخليتها يقدمون أرواحهم في سبيل حياة كريمة ومستقبل آمن لمصر.
 
 
 
 
 
0